responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 363
[سورة الكهف (18): آية 11]
فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً (11)
عِبَارَةٌ عَنْ إِلْقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى النَّوْمَ عَلَيْهِمْ. وَهَذِهِ مِنْ فَصِيحَاتِ الْقُرْآنِ الَّتِي أَقَرَّتِ الْعَرَبُ بِالْقُصُورِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ مَنَعْنَاهُمْ عَنْ أَنْ يَسْمَعُوا، لِأَنَّ النَّائِمَ إِذَا سَمِعَ انْتَبَهَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ بِالنَّوْمِ، أَيْ سَدَدْنَا آذَانَهُمْ عَنْ نُفُوذِ الْأَصْوَاتِ إِلَيْهَا. وَقِيلَ: الْمَعْنَى" فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ" أَيْ فَاسْتَجَبْنَا دُعَاءَهُمْ، وَصَرَفْنَا عَنْهُمْ شَرَّ قَوْمِهِمْ، وَأَنَمْنَاهُمْ. وَالْمَعْنَى كُلُّهُ مُتَقَارِبٌ. وَقَالَ قُطْرُبٌ: هَذَا كَقَوْلِ الْعَرَبِ ضَرَبَ الْأَمِيرُ عَلَى يَدِ الرَّعِيَّةِ إِذَا مَنَعَهُمُ الْفَسَادَ، وَضَرَبَ السَّيِّدُ عَلَى يَدِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إِذَا مَنَعَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ. قَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَعْفُرَ وَكَانَ ضَرِيرًا:
وَمِنَ الْحَوَادِثِ لَا أَبَا لَكَ أَنَّنِي ... ضُرِبَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِالْأَسْدَادِ «1»
وَأَمَّا تَخْصِيصُ الْآذَانِ بِالذِّكْرِ فَلِأَنَّهَا الْجَارِحَةُ الَّتِي مِنْهَا عَظُمَ فَسَادُ النَّوْمِ، وَقَلَّمَا يَنْقَطِعُ نَوْمُ نَائِمٍ إِلَّا مِنْ جِهَةِ أُذُنِهِ، وَلَا يَسْتَحِكُمُ نَوْمٌ إِلَّا مِنْ تَعَطُّلِ السَّمْعِ. وَمِنْ ذِكْرِ الْأُذُنِ فِي النَّوْمِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ) خَرَّجَهُ الصَّحِيحُ. أَشَارَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى رَجُلٍ طَوِيلِ النَّوْمِ، لَا يقوم الليل. و" عَدَداً" نَعْتٌ لِلسِّنِينَ، أَيْ مَعْدُودَةً، وَالْقَصْدُ بِهِ الْعِبَارَةُ عَنِ التَّكْثِيرِ، لِأَنَّ الْقَلِيلَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى عَدَدٍ لِأَنَّهُ قَدْ عُرِفَ. وَالْعَدُّ الْمَصْدَرُ، وَالْعَدَدُ اسْمُ الْمَعْدُودِ كَالنَّفَضِ وَالْخَبَطِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:" عَدَداً" نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ. ثُمَّ قَالَ قَوْمٌ: بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى عَدَدَ تِلْكَ السِّنِينَ مِنْ بَعْدُ فَقَالَ:" وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً".

[سورة الكهف (18): آية 12]
ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً (12)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ) أَيْ مِنْ بَعْدِ نَوْمِهِمْ. وَيُقَالُ لِمَنْ أُحْيِيَ أَوْ أُقِيمَ مِنْ نَوْمِهِ: مَبْعُوثٌ، لِأَنَّهُ كَانَ مَمْنُوعًا من الانبعاث والتصرف.

(1). واحد الأسداد: سد، وهو ذهاب البصر، يقول: سدت على الطريق، أي عميت على مذاهبي.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 363
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست